21‏/5‏/2018

كيف أثر سانت ليغو على مقاعد بغداد؟

صائب خليل
21 مايس 2018
سبق ان نبهنا ان الضجة التي اثارها ساسة ونواب ورجال دين وإعلاميين، حول "خطر" سانت ليغو المعدل، هي ضجة فارغة يبدو ان الهدف منها كان الهاء الشعب عن المشاكل الحقيقة للمنظومة الانتخابية في العراق، والتي ازدادت سوءاً بإدخال المزيد من الحاسبات والالكترونيات هذا العام، مما جعل التزوير عاماً شاملاً. ونبين هنا من مثال توزيع مقاعد بغداد، ما أكدناه سابقاً في مقالات عديدة، بأن ما قيل عن سانت ليغو تضخيم مشبوه، ونوضح التأثير الطفيف بين مختلف مستويات سانت ليغو في تلك الانتخابات كمثال.
على اليسار من الجدول المنشور، نجد عدد المقاعد التي تحصل عليها الكتل المختلفة وفق مختلف تعديلات سانت ليغو. فلدينا في العمود الوسطي (الملون بالأخضر)، سانت ليغو 1,7 المستعمل فعليا في هذه الانتخابات، وعلى يساره حسابات سانت ليغو المعدل 1,8 و 1,9، وعلى يمين العمود، توزيع المقاعد لو تم تقليل التعديل، أي حسب سانت ليغو 1,6، و 1,5 و 1,4
ونلاحظ أولاً ان عدد المقاعد لا يتغير ولا بمقعد واحد لو استعملنا 1,6 الذي استعمل في الانتخابات الماضية! كما انه لا يتغير أيضا حتى لو رفعنا التعديل إلى 1,8 أو 1,9! وهذا بحد ذاته دليل على فراغ الضجة التي أثيرت حول تغيير التعديل والتي وصلت إلى حد التظاهرات بالنسبة 1,9، وكأن سانت ليغو هو المسؤول عن الكارثة والفساد الذي نعيشه، وهو الذي يمنع تغييره!
وعند الهبوط أكثر إلى 1,5 نرى تغيراً لمقعد واحد فقط حيث تكسب "كفاءات" مقعداً من "دولة القانون"، ثم بالنزول أكثر الى 1,4 تكسب "تضامن" مقعدا آخر من "بغداد". ثم لا تحدث اية تغييرات في توزيع المقاعد لو هبط الحساب بعد ذلك إلى 1,3، او 1,2، او 1,1، أو 1 (ليغو غير المعدل).
إذن، في اقصى أنواع التغييرات وأكثرها تطرفاً، لا يزيد عدد المقاعد المتغيرة عن مقعدين من 71 مقعداً! إضافة الى ذلك فهذان المقعدان لا يذهبان بالضرورة الى الكتل الكبيرة، بل إلى اية كتلة أعلى من الكتل الصغيرة جدا. وفي المثال ذهب أحد المقعدين إلى كتلة كبيرة (القانون) أما الثاني فذهب الى كتلة صغيرة (تضامن). وفي كل الأحوال فأن الحديث عن تغير بمقعد واحد لكتلة كبيرة على انه تثبيت للفساد أمر مثير للضحك. فهذا التغيير هو اقصى حالات "خطر" هذا النظام الذي اعتبر حجر عثرة أمام اصلاح العراق!
ماذا عن المحافظات الأصغر؟ ان انتقال مقعد من عشرة مقاعد أكثر تأثيرا بالتأكيد من تأثيره على 70 مقعدا، لكن هذا الانتقال ينخفض احتماله بانخفاض عدد الكتل المتنافسة أيضا، إضافة إلى انه لن يذهب بالضرورة إلى "كتلة كبيرة" بل إلى اية كتلة تمكنت من عبور حد المقعد الكامل.

ماذا عن نظام الدائرة الانتخابية الواحدة؟ لنتذكر اننا نتحدث عن المقاعد الناقصة الاصوات فقط، فهي وحدها من يتأثر بسانت ليغو المعدل. عدد الكتل سوف يزيد ولكن عدد الأصوات المتبقية سوف يزيد ايضاً مع كثرة الكتل. فالسؤال يصبح: أيهما سوف يزداد بشكل أسرع؟ اتصور أن الجواب بحاجة إلى خبير إحصاء، لكن اعتقد ان لهذا قيمة رياضية فقط حيث ان عدد المقاعد يبقى قليلا. وفي الحقيقة قد يصلح السؤال لرسالة ماجستير في الإحصاء، لمن يهمه الأمر 😊 .
أوصل لكم هذه المعلومات كحلقة أخيرة من مقالاتي عن سانت ليغو والتي اردت ان ابين لكم فيها أن من أثار الموضوع كمشكلة، لم يكن إلا أما محتال يريد توجيه الأنظار اليه، او جاهل لا يدري عما يتكلم، فاعرفوه واعرفوا كم هو الجهد الذي يبذل لخداع العراقيين والهائهم بعيدا عن المشاكل الحقيقة مثل الحاسبات التي غيرت في هذه الانتخابات عشرات المقاعد، وبطريقة لا يعرف بها أحد، خاصة ان المفوضية رفضت بعناد مثير للشبهة أي عملية عد يدوي، وهذه بحد ذاتها برهان قاطع على حدوث تزوير كبير، يضاف الى البراهين الكثيرة التي نشرناها!
لا ندري ان كان الردح سيستمر على سانت ليغو في الانتخابات القادمة، أم انهم سيخترعون قضية أخرى يلهون بها الناس. وفي كل الأحوال، سيبذلون كل ما يستطيعون لإبقاء الحاسبات والامتناع عن العد اليدوي.  

مقالات سابقة حول الموضوع:
صائب خليل: سانت ليغو.. فقاعة إعلامية وضحك على الذقون 1 
صائب خليل - تحدي: إثبت ان سانت ليغو ضار... وأعطيك 1000 دولار!


نشرت على الفيس:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق