3‏/6‏/2015

أيها الحشد ..إحذروا سنة المارينز وشيعة المارينز!

صائب خليل
30 أيار 2015

اللغز العجيب لهزائم الجيش العراقي المتكررة مقارنة بانتصارت الحشد، رغم الفارق الهائل في إمكانياتهما وما يحصلان عليه من الدعم الدولي وتدريبها وما صرف عليهما  من أموال وامتلكا من تكنولوجيا قتال، لا تفسره افكار هلامية مثل أن الجيش العراقي "ليس عقائدي" أو أنه "فاسد" أو أنه "تنقصه الشجاعة" أو "إرادة القتال" أو انه "غير مدرب" أو "تأثره بالخلافات السياسية" وكونه مكوناً من "مجاميع مذهبية" و ينقصه "الولاء للوطن"..وغيرها مما ينفث في الإعلام العراقي (والأمريكي هذه الأيام) من أكاذيب تشويش للعراقيين. ويمكن دحض هذه التفسيرات ببساطة لأن الجيش العراقي يتكون من ذات مصادر المقاتلين الذين تكون منهم الحشد الشعبي وبأسلحة أفضل وتدريب أفضل!..

كذلك لم يبرهن أحداً أن الفصائل المنسحبة أو الخائنة هي من فصيل سياسي معين أو من مذهب معين، لذلك فإن القاء اللوم على التناحر السياسي أو المذهبي في هزائم الجيش العراقي، هراء وكلام فارغ. كل تلك التبريرات تبث في رأس المواطن العراقي من قبل "محللين" هم جزء من الإعلام السام الذي يهدف للتشويش وليس الإعلام، أو حمقى ببغائيين يأخذون من "تحليلات" هؤلاء ويضيفون لها من عندهم، وتهدف لإخفاء الخط الواضح الفاصل بين الجيش العراقي والحشد الشعبي والذي يفسر وحده النصر والهزائم بكل وضوح وبدون علامات استفهام.

إن الفرق الاساسي الحاسم بين الجيش العراقي والحشد الشعبي، والذي يجعل الأول يخسر كل معاركه والثاني يربحها كلها، هو خلو الثاني من الأختراق الأمريكي والتدريب الأمريكي والمستشارين الأمريكان و"الدعم الأمريكي" والأسلحة الأمريكية أيضاً! أن نصر الحشد الشعبي يعتمد على خلوه بشكل عام من التأثير الأمريكي!

ونحن سمعنا بأن الحشد في مسيرته المباركة الأولى التي بدأ بها تحرير تكريت وحقق أول انتصاراته، لم يستعمل أسلحة أمريكية ولا أجهزة اتصالات امريكية ولا طائرات مسيرة أمريكية ولا جيش من "المستشارين" الأمريكان، بل جيء بها كلها من إيران، فكان سليماني وبضعة معاونين، يكفون لأستشارة الحشد بشكل أفضل من 4000 "مستشار" امريكي للجيش العراقي! كما رفض الحشد مشاركة التحالف الأمريكي معه في القتال أو دعمه الجوي. ذلك الرفض لم يكن بلا سبب... ولم يكن بلا نتيجة بالتأكيد!

واليوم يستعد الحشد الشعبي ويخوض أول معاركه لتحرير الأنبار التي سلمها الجيش المدرب والمدعوم أمريكيا إلى داعش بلا قتال تماما مثلما فعل مع الموصل وتكريت قبلها. وتجري تلك الإستعدادات وسط جو تآمر أمريكي واضح وتنسيق مع عملائهم في السلطة في بغداد وغيرها، فالحشد هو التهديد الأكبر الذي يهدد الخطط الأمريكية لتنقيذ الأجندة الإسرائيلية المدمرة للعراق. ويجب أن لا ننتظر من هؤلاء أن يتركوا الحشد يفعل ذلك، ويصبح له دور كما هو دور حزب الله في لبنان في الصراع بين الشعب وإسرائيل على البلد وثرواته ومستقبله.

لذلك فمن المتوقع تماماً أن لا تترك الولايات المتحدة أي من عناصر قوتها واختراقها للعراق لا تستعمله لتحطيم هذا الحشد الوليد قبل أن ينمو وينضج ويأخذ مكانته كنواة وطنية يلتف حولها العراقيون للصمود بوجه مؤامرة تحطيم بلادهم الجارية على قدم وساق. ولا شك أن قواتها ومستشاريها في العراق وعملائها في قمة السلطة في بغداد وقوات الأمن والشرطة والجيش العراقي الذي أشرفت على وضع كل ضابط كبير فيها تقريباً، هم أدواتها لتنفيذ خطتها.
نكتب هذا اليوم وقد انهت قوات المارينز الأمريكية على عجل تدريب 2000 مقاتل سني على اساس "مقاتلة داعش"، ضمن "حشد المحافظة" في معسكر تدريب المتطوعين، في قاعدة الحبانية، وهم يستعدون لإطلاق دفعة ثانية لاحقاً.(1)

ورغم أنه من المؤكد أن غالبية المتطوعين هم من أبناء المحافظة الأبرياء الذين يرغبون في قتال داعش بالفعل، إلا أن الهدف المنطقي لأميركا من كل هذا لا يختلف عن الهدف من بقية جهودها ولا يفترض ان يتناقض معه، وهو دعم داعش بكل الوسائل المتوفرة تحت يدها. ونرى أن مثل هذه القوات ستكون محشوة بالعملاء الذين يتم زرعهم بين الطيبين من أبناء المحافظة. وإن تمكنوا من تجنيد واحد بالمئة من هؤلاء فسيكون في "حشد المحافظة" هذا 20 جاسوساً ومتآمراً يمكن أن يلعبوا بالتنسيق وبأجهزة الإتصالات السرية من خلال السفارة الأمريكية دوراً خطيراً في دعم داعش في نقاط حساسة من المعركة القادمة.

ولا يستبعد أبداً أن يجند بعض هؤلاء في خطة لقتل قادة الحشد الشعبي بشكل إنتحاري أو من خلال اعطاء إحداثيات تواجدهم بواسطة أجهزة اتصالات سرية صغيرة يحملونها ليتم قصفهم، كما أظن أنه بالضبط ما حدث مع محافظ الأنبار السابق، أو بأية طريقة مبتكرة أخرى.

لذلك أقول لقادة الحشد أن يكونوا حاسمين وشجعاناً في قراراتهم السياسية كما هم في سوح القتال وأن يرفضوا مشاركة هؤلاء من "سنة المارينز" في أي قتال معهم، وبلا خوف من الإعلام. وإن كان هذا الأمر غير ممكن سياسياً فأن يتم التعامل مع هذه الفرق على أنها مخترقة، غير مأمونة، وأن تترك لوحدها في جبهات منعزلة وغير مهمة وأن تراقب تصرفاتها بدقة وانتباه. فهذه التشكيلات لم تشكل من أجل الحشد بل لأختراقه ولترتيب وضع المنطقة الغربية بعد تحرير الأنبار وتهيئة لفصل أجزاء العراق بمشروع "الحرس الوطني" سيء الصيت الذي حمل على بغال الحكومة الجديدة التي جاء بها الأمريكان.

هؤلاء ليسوا "سنة" ببساطة، بل هم "سنة المارينز"، ومنعهم من المشاركة يجب أن لا يؤخذ من السنة الوطنيين على أنه حركة طائفية ضدهم، بل هو بالضبط في صالحهم. فما هو موقف السنة لو أن أحد هؤلاء قد تم تجنيده وقام بقتل السيد هادي العامري مثلا؟ إن أميركا مهتمة بالتأكيد بقتل هذا الرجل أو أي من رفاقه لما يمثلونه من تهديد عسكري وسياسي مستقبلي لخططها في العراق، كما تهتم بقتل قادة حزب الله لبنان، لكنها لا تريد أن تحولهم إلى شهداء ورموز توحي إلى الشعب العراقي بروح النصر والقتال، لذلك فأفضل طريقة أن يتم القتل بوسيلة تجعله يبدو قتلا طائفياً، ويحولون إلى رموز للحقد الطائفي فيضربون عصفورين بحجر.

لذلك فأن "سنة المارينز" في حقيقتها ونتيجتها هي مؤامرة على السنة مثلما هي مؤامرة على الشيعة والحشد وقياداته، ولا يجب على السنة أن يقفوا بالضد من عزلهم ومنعهم من تنفيذ خططهم، فكل ما ينتج المارينز هو في خدمة داعش وليس الوطن والأدلة أكثر من أن نحصيها أمامنا. ومن يريد من السنة أن يشارك في تحرير الوطن من داعش فيمكنه أن يتطوع مباشرة مع الحشد، وليس من خلال جهات مشبوهة تدربها أميركا. وعندما اقول "السنة" فإني بالتأكيد لا أقصد المأبونين من القادة الذين وضعوا على رأس قياداتهم. هؤلاء سيحتجون بكل تأكيد على أي عزل لفرق "سنة المارينز" لأنهم يتلقون الأوامر من المارينز، لكن ما آمله أن لا يتعاطف الشارع السني مع نباح هؤلاء العملاء الذين جربهم أكثر من مرة، وأن يقف مع حشده الشعبي الذي حقق له أثمن الإنتصارات في تكريت، بل الإنتصارات الوحيدة!  أن لا يكون السنة ضحية سهلة ساذجة ترقص على طبول المخاوف الطائفية التي سيقرعها هؤلاء وستدوي بها أجهزة الإعلام التي تنتمي لنفس الجبهة الأمريكية الكبرى، جبهة داعش.

ولا تقتصر فرق "المارينز" هذه على السنة، فالجيش العراقي يمتلئ بما يمكن أن نسميه أيضاً "شيعة المارينز" من فصائل وقيادات شيعية تعمل لصالح خندق داعش في القوات العراقية من جيش وشرطة وقوات أمنية وخاصة، والتي كانت مسؤولة عن الكثير من عمليات الإغتيال الطائفي وغيرها من أعمال الإرهاب الموجهة طائفياً بهدف تحطيم المجتمع. فالتاريخ الصدامي أثبت أنه لا يوجد مذهب يخلو أتباعه من بائعي الضمير، ولن يفشل الأمريكان في تجنيد هؤلاء.

وختاماً أكرر تحذيري لقادة الحشد ذاتهم، أن يحذروا كل من كانت له علاقة مهمة بالأمريكان أو تدرب تحت إشرافهم المباشر من خلال المارينز أو الناتو أو غيرهم، وبغض النظر عن مذهبه، مذكراً إياهم بأنها مسؤوليتهم هم بالدرجة الأساس وأن البلاد في خطر الزوال ولا مجال للمجاملة. كذلك أؤكد لهم أن سلامتهم هنا ليست ثمينة وغالية فقط كأبطال وأمل عراقي أكبر، بل أيضاً أنها ضرورية لمنع مؤامرة طائفية على بلادهم، إن تم اغتيالهم بهذه الطريقة، وهم وإن كانوا يضعون حياتهم على راحة يدهم من أجل الوطن بشجاعة كما نعهدهم، فإننا نطالبهم أيضا بالحفاظ على سلامتهم بشجاعة من أجل الوطن أيضاً، إن لم يكن من أجل أنفسهم! إننا نخشى عليكم وندعمكم ونحرص على سلامتكم فبوركتم يا أمل العراق الأخير بشيعته وسنته أيها الأبطال. انتبهوا فسلامة الوطن من سلامتكم!

(1) "المارينز" الأمريكيون ينهون تدريب 2000 مقاتل سنّي غرب العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق